شهدت مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، يوم الأربعاء الموافق 15 مايو 2025، واقعة مؤلمة هزّت الشارع المصري، بعد العثور على جثة محامٍ شاب مشنوقًا داخل مكتبه الكائن بمنطقة منشية أباظة، في ظروف بدت من الوهلة الأولى أنها حالة انتحار.
المحامي الشاب، ويدعى محمد عبد العزيز، يبلغ من العمر 35 عامًا، كان معروفًا بين زملائه بخلقه الرفيع وهدوئه، لكنه في الفترة الأخيرة بدا عليه الحزن والانعزال، وفق ما ذكره أصدقاؤه المقربون. صباح يوم الواقعة، لاحظ العاملون تأخره عن مواعيده المعتادة، فتم فتح باب المكتب ليُكتشف أنه أنهى حياته شنقًا باستخدام حبل ربطه بمروحة السقف.
ما جعل الواقعة أكثر صدمة هو أن الراحل ترك رسالة وداع مؤثرة نشرها عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قبل دقائق من إنهاء حياته، حيث كتب فيها:
“سامحوني.. يمكن ماقدرتش أكون الشخص اللي كنتوا متوقعينه. تعبت من كتر المحاولات اللي ما جابتش نتيجة، تعبت من إني دايمًا أكون قوي قدام الناس، وضعيف جدًا بيني وبين نفسي. حاولت أكون محامي ناجح، إنسان محبوب، حد يُعتمد عليه، لكن الحقيقة إني فشلت. لا وصلت، ولا ارتحت، ولا حتى لقيت حضن أطمن له. أنا آسف لكل حد حبني، آسف لأهلي، لأصحابي.. يمكن ارتحت دلوقتي. ادعولي وافتكروني بخير.”
النيابة العامة في الزقازيق باشرت التحقيق في الحادث، وأمرت بنقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي، وصرحت بدفنه بعد انتهاء إجراءات الطب الشرعي. كما طلبت النيابة تحريات المباحث حول الواقعة، للتأكد من عدم وجود شبهة جنائية.
بحسب مصادر أمنية، لم يُعثر على أي دلائل تشير إلى تدخل طرف خارجي، وتم التأكيد على أن الحادث انتحار نتيجة أزمة نفسية حادة مر بها الراحل في الشهور الأخيرة. وقد أشار زملاؤه إلى أنه كان يشعر بالإحباط بعد عدة انتكاسات مهنية، إلى جانب معاناة عاطفية جعلته في عزلة دائمة، وذكر بعضهم أنه صرّح مؤخرًا بأنه “حاسس إن وجوده عبء على الكل”.
الحادث أثار موجة كبيرة من الحزن والتعاطف على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نعاه المئات من أصدقائه وزملائه، مطالبين بضرورة تسليط الضوء على الضغوط النفسية التي يواجهها الشباب في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
كما طالب نشطاء بإطلاق حملات توعية أوسع عن الصحة النفسية، وفتح خطوط دعم نفسي للشباب المعرّضين للاكتئاب أو التفكير في إيذاء النفس، مشددين على أن “الانتحار ليس حلاً، بل نداء صامت يجب أن يُسمع قبل فوات الأوان”.
رحل محمد عبد العزيز في صمت، لكن رسالته تركت جرحًا في قلوب كل من قرأها، ورسالة أكبر بأننا نحتاج جميعًا إلى الاحتواء، والاهتمام، والرحمة.