شهد مستشفى ناصر التخصصي بمدينة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية واقعة طبية نادرة، أثارت الدهشة وأعادت إلى الواجهة أهمية الوعي المجتمعي بمخاطر الأجسام الغريبة، حيث نجح فريق طبي متميز في استخراج هاتف محمول صغير من معدة شاب في العقد الثالث من عمره، بعد أن ظل الجهاز داخل أحشائه لأكثر من أربعة أشهر.
بدأت تفاصيل الواقعة حينما وصل المريض إلى قسم الطوارئ في المستشفى وهو في حالة إعياء شديد، يشكو من قيء متكرر، آلام حادة في البطن، وضعف عام بالجسم، ما دفع الأطباء إلى إجراء فحوصات عاجلة. وأظهرت الأشعة وجود جسم معدني غريب في الجزء العلوي من المعدة، وبالتحديد في فتحة البواب، ما تسبب في انسداد شبه كامل أمام مرور الطعام إلى الأمعاء.
أمام هذه المؤشرات الطبية غير المعتادة، تقرر إدخال المريض فورًا إلى غرفة العمليات لإجراء جراحة استكشافية. وخلال العملية، فوجئ الفريق الطبي بجسم مغلف داخل المعدة، اتضح لاحقًا أنه هاتف محمول صغير الحجم من النوع القديم، الأمر الذي دفع الطبيب الجراح إلى التعامل مع الحالة بحذر شديد تجنبًا لانفجار البطارية أو تسرب محتوياتها داخل الجهاز الهضمي.
قاد العملية الجراحية الدكتور هيثم فرج، استشاري الجراحة العامة، بمشاركة الدكتور أسامة سرور، طبيب الجراحة العامة، وتحت إشراف مباشر من الدكتور أيمن خلاف، مدير مستشفى ناصر التخصصي، وبمعاونة نخبة من طاقم التخدير والتمريض. واستغرقت الجراحة قرابة ساعتين، انتهت باستخراج الهاتف بنجاح دون أي مضاعفات خطيرة.
في تصريحات إعلامية عقب الجراحة، أكد الدكتور أيمن خلاف أن الواقعة تُعد من الحالات الطبية شديدة الندرة، ليس فقط لطبيعة الجسم المستخرج، بل لطول المدة التي قضاها الجهاز داخل معدة المريض دون أن يتسبب في أضرار بالغة، مشيرًا إلى أن الهاتف كان في وضع قد يؤدي إلى كارثة صحية حال تحلل بطاريته.
وأضاف خلاف أن المستشفى تعامل مع الحالة بكفاءة وسرعة كبيرة، موجهًا الشكر والتقدير للفريق الطبي الذي أبدى احترافية في اتخاذ القرار المناسب والتدخل الجراحي في الوقت الحرج. وأوضح أن المريض تم وضعه بعد العملية تحت الملاحظة الدقيقة، إلى أن استقرت حالته الصحية تمامًا وغادر المستشفى في اليوم التالي.
من جانبه، أشار أحد أقارب المريض إلى أن الأخير يعاني من اضطرابات نفسية خفيفة، وكان يمر بظروف شخصية معقدة خلال الفترة الماضية، مرجحًا أن ابتلاع الهاتف كان بدافع الخوف أو كوسيلة للتخلص من موقف معين، دون نية مسبقة لإيذاء نفسه.
وتفاعل عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع الواقعة بعد نشرها في عدد من المواقع الإخبارية، ما بين مندهش من غرابة الموقف، ومشيد بكفاءة الفريق الطبي، ومطالب بزيادة التوعية حول مخاطر ابتلاع الأجسام الصلبة، خاصة في أوساط الشباب والمراهقين.
وقد دعت إدارة المستشفى إلى ضرورة التعامل مع الأعراض المرضية غير المعتادة بجدية، وعدم التأخر في اللجوء إلى الرعاية الطبية المتخصصة، لأن التأخير في مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى عواقب صحية وخيمة يصعب تداركها.